وتجد أمينة تتحمل كل الصعاب من أجل تحقيق رضى زوجها، تكد وتتعب لتحقيق أماني سي السيد؛ فسعادة سي السيد مسئوليتها، رضاه مسئوليتها، راحته مسئوليتها، وما خلقت هي إلا لتكون أداة لتسهيل حياة سي السيد.
ولقد تعايش الناس بذكورهم وإناثهم وبكل وجدانهم مع شخصية سي السيد وأمينه، يمقتون تصرفات سي السيد ويتعاطفون مع أمينة المغلوبة على أمرها، يلقون باللوم على عاتقها؛ فهي من ارتضت هذا الذل وقبلته وصدقته وعاشته وكأن الله خلقها لتكون ذليله أمام سي السيد.
تعايش الناس مع القصة وتعاطفوا معها لدرجة أنهم أصبحوا يتهكمون على كل رجل تشكو منه زوجته بأنه "سي السيد"، وتظهر هنا سخرية القدر في قوم يتهكمون على سي السيد وأسلوبه وهم في الحقيقة يجلهون أن بعضهم يمثلون سي السيد وأمينة؛ هناك بعض الرجال في مصر لا يخرجون عن كونهم سي السيد والمرأة المصرية لا تخرج عن كونها أمينة.
نهاية سي السيد بالضرب:
من ناحية أخري يري البعض أن المرأة المصرية تمكنت وبنجاح منقطع النظير في أن تسطر اسمها في قوائم المتميزات وأن تحتل صدارة من نوع خاص.
وتمكنت المصريات من إزاحة الأمريكيات وتفوقن عليهن واكتسحن البريطانيات وهزمنهن بجدارة وأثبتن أنهن أفضل من الهنديات وتمكن بعد 7 سنوات من أن ترتقين من المركز الخامس إلى الأول في قائمة أكثر النساء في العالم ضربًا لأزواجهن.
نعم ليست مزحة أو نكتة، بل حقيقة كشفتها آخر الدراسات والأبحاث العلمية، والتي تؤكد أن سيدات مصر أصبحن أصحاب الرقم الأعلى في الضرب للأزواج متفوقات على كل سيدات العالم بمن فيهن الأمريكيات اللاتي جئن في المرتبة الثانية بنسبة تبلغ 23% والبريطانيات اللاتي جئن في المرتبة الثالثة بنسبة تبلغ 17% ثم الهنديات المسكينات في المرتبة الرابعة بنسبة 11% فقط، بينما المصريات جئن في المرتبة الأولى منذ عام 2003 بنسبة 23% وارتفعت بعد ذلك عاماً بعد الآخر لتبلغ 28% في نهاية عام ( 2012 ).
كما يري أصحاب هذا التوجه أن أسطورة "سي السيد" قد تحولت إلى ماضٍ انتهي زمنه أما "أمينة" فقد ولى زمانها وراح بعد أن خلعت عن نفسها رداء المسكنة و"الغلب"، وتعاطت حبوب الشجاعة وأعلنت العصيان والتمرد على الرجل، بل وأرغمته بمساعدة "قوانين الأحوال الشخصية" علي التراجع والتنازل عن سلطاته وهيمنته، وشيئًا فشيئًا سحبت البساط من تحت أقدامه لتصبح الأجرأ والأكثر فاعلية وتمكنًا، وفي النهاية اكتفى "سي السيد" أن ينطبق عليه المثل "ضل راجل ولا ضل حيطة"، وأن تصبح مزاياه كما تقول حواء "في الليل غفير وبالنهار أجير".
أنا كلمتى لا يمكن تنزل الأرض أبدا:
وهناك وجهة أخري لتسلط المرأة جاءت في فيلم "ابن حميدو" الشهير، وهي لا زالت عالقة في أذهان النساء "أنا كلمتى لا يمكن تنزل الأرض أبدا.. طيب معلش تنزل المرة دى".. هذه الجملة الساخرة التى قالها عبقرى الكوميديا الراحل، وخريج مدرسة "الفرير" الفنان عبد الفتاح القصرى، لزوجته قوية الشخصية لتدل على مدى سيطرتها عليه، وعدم قدرته على فرض رأيه أو كلمته عليها، وأن كل غضبه ينتهى فى النهاية إلى لا شىء "وينزل على فاشوش".. ويبدو أن هذه الجملة قد أصبحت بالفعل تحكم الكثير من العلاقات فى البيوت المصرية..
فالظاهر أمام الناس هو أن الرجل يسيطر على المرأة، بل وقد يضطهدها فى ظل مجتمع ذكورى، وقوانين تنحاز إلى الرجل.. وأن المرأة العربية بشكل عام مظلومة ومقهورة.. لكن الحاصل فى الواقع عكس ذلك تماما..
وصورة "سى السيد" الذى يشخط وينطر ولا ينتظر من زوجته الست "أمينة" المنكسرة الغلبانة سوى السمع والطاعة .. هذه الصورة اختفت أو كادت أن تختفى من المجتمع المصرى.. والمرأة الآن لا تكتفى بالنقاش والتشاور، لكنها فى الحقيقة ومن وراء الستار، وأحيانا من أمامه هى صاحبة القرار، وعلى الزوج أن يكتفى بالصراخ أحيانا، وبالتهديد أحيانا أخرى، قبل أن يرضخ فى النهاية لما تقوله الزوجة.
أسباب اختفاء ظاهرة سي السيد:
والبعض يرى أن السبب فى اختفاء ظاهرة "سى السيد" هو خروج المرأة للعمل ومشاركتها للرجل فى الإنفاق وتحمل تكاليف وأعباء الحياة ومصاريف البيت والأولاد، بل وكثير من الزوجات تفوق دخولهن دخول ومرتبات أزواجهن، وتتحملن القدر الأكبر من مصروف البيت ونفقات المدارس .. وقد يكون هذا صحيحا، أو على الأقل عاملا من عوامل تهاوى قوة الرجل وسطوته على المرأة..
لكن ماذا نقول عن الزوجات المسيطرات من ربات البيوت اللاتى لا تعملن ولا توفرن للأسرة أى نوع من أنواع الدخل المادى، وتعتمدن بشكل كامل على الزوج فى الإنفاق.. لماذا يستسلم لهن الرجل، إذا كان الأمر متعلقا بالمادة، ومن الذى لا ينفق أو من يكسب أكثر ومن يكسب أقل!؟
أسد خارج المنزل وفأر بالداخل
وفي عصر العولمة، هل يمكن أن نجد شخصية "سي السيد" من جديد؟ أم أنها ذهبت مع مهب الريح، خاصة مع ظهور ظاهرة جديدة لم تكن مألوفة آنذاك، ألا وهي خوف الأزواج من زوجاتهم، فهناك 120 مليون رجل في العالم يخافون من زوجاتهم، ولا يجرؤ كل منهم على رفض طلباتها، وينفذ أوامرها بسرعة شديدة.
فالخوف من الزوجة حقيقة ترصدها الدراسات العلمية، التي تشير إلى أن الزوج كثيرا ما يكون أسدا خارج المنزل وفأرا في داخله، يصاب بالذعر إذا غضبت، ويرتبك إذا طلبت منه شيئا، ويعاملها بأدب ويطيع كل قراراتها، ولا يرفع صوته مهما حدث، حيث يبدو أمامها نموذجا للطاعة والمثالية.
وخوف الرجل من زوجته فيه انتقاص لرجولته، لكن هناك رجال يخافون زوجاتهم بالفعل ويدَّعون العكس، لكن أفعالهم توصلنا إلى الحقيقة المرة، فظاهرة خوف الأزواج من زوجاتهم تنتشر في مصر وغيرها من البلدان، وهذه النوعية من الأزواج يحاولون دائما التحدث عن جبروتهم في المنزل، وأنهم يرغمون زوجاتهم على طاعتهم، وأنهم ينفذون ما بخاطرهم دون أخذ رأي زوجاتهم، وأنهم لا يغيرون قراراتهم مهما فعلت الزوجة، وفجأة إذا رن الهاتف ووجد رقم زوجته يرتعد ويتلعثم، ولأنه لا يستطيع أن يحققها، يكذب ويصدق كذبته ويحاول أن يوهم الآخرين بسيطرته، لكننا نجد في الحقيقة أن زوجته قد مسحت شخصيته، وجعلته خاتما في إصبعها.
أسباب سيادة المرأة:
يعود خوف الرجل من زوجته إلى عدة اسباب لعل أولها ضعف شخصية الرجل وقوة شخصية زوجته، فغالبا ما تكون هذه الزوجة قد تربت بين أولاد، فقد تكون هي البنت الوحيدة بين إخوانها، وقد تتقمص شخصية إخوانها، وتكون عنيفة في تعاملها مع زوجها، ولا توجد فيها أي صفة من صفات الأنوثة، فهي تتعامل مثل الذكر، تأمر وتنهى، وتسيطر وتهيمن على الأسرة ككل، فلا خروج إلا بأمرها ولا سفر إلا بأمرها ولا شراء ولا تبضع إلا بأمرها.
وتتحكم بنوع الطعام الذي تقدمه يوميا، فلا تأخذ رأي أفراد أسرتها، ولا حتى رأي زوجها، وهي بذلك تتصور أنها قوية وبطلة، وأنها استطاعت أن تتحكم بزوجها وتمنعه من التصرف على طبيعته.
وقد يصل بها الأمر أن تتدخل في علاقات زوجها مع أصدقائه، فتختار له أصدقاءه، وتمنعه من الخروج إلا إذا خرج مع ابنه، أما إذا فكر في الخروج بمفرده فهي ترفض بشدة وتهدده بعقابها له، وهي تعلم نقطة ضعف زوجها، فتستغل نقاط ضعفه لإصدار العقوبة المناسبة له.
فارق العمر:
من الأسباب الأخرى لخوف الزوج من زوجته، الفارق العمري الكبير بين الزوج وزوجته، فقد يكبر الزوج زوجته بعشرين عاما أو اكثر، وهنا يخاف من غضبها ويحاول دائما إرضاءها، لعدم ثقته بنفسه، وخوفه من طلبها للطلاق لأتفه الأسباب خاصة عندما يشعر أنها تصغره بكثير، وأن فرص الزواج أمامها كثيرة، بينما يكون العكس بالنسبة له، وأحيانا تتفضل عليه لأنها وافقت على الزواج به، فهنا يعيش ذليلا خاضعا لها.
من ناحية أخري يعتبر السبب المادي من أهم أسباب ضعف الزوج أمام زوجته؛ لأن الرجل يعتمد اليوم على راتب الزوجة اعتمادا كليا، بل إنه قبل ارتباطه بها يستفسر عن راتبها ومنصبها وطبيعة عملها وما له من مزايا مادية، ولا يقبل أن يرتبط إلا بامرأة موظفة، كي تساعده في مصروف المنزل، وبعد ذلك تتحول المساعدة إلى أمر فرض وواجب، وحتى لا يخسر الزوج راتب الزوجة فإنه يطيعها في كل ما تريد حتى لا يفقد السيولة المادية التي تغدق بها على منزله وأولاده وعلى السفر وعلى شراء منزل، فهو لا يقدر على القيام بكل الواجبات والالتزامات المادية بمفرده، بل هو في أمس الحاجة لراتبها، حتى يستطيع أن يواكب الحياة المادية والمظاهر الكاذبة في المجتمع، فيعتمد على راتبها لشراء سيارة فاخرة، ومنزل كبير وسفر حول العالم، كل هذا يدفعه للتنازل عن بعض حقوقه وأولها حقه في طاعته، بل يتحول هذا الحق لها؛ فيقوم هو بطاعتها إلى أبعد الحدود وفي كل الأحوال.
العربي أكثر خوفا من زوجته من الغربي:
وفي العالم العربي بصفة عامة وليس في مصر وحدها يعتبر الذعر من شريكة الحياة حقيقة لا يمكن إنكارها، وعلى الرغم من عدم وجود بيانات إحصائية دقيقة حول حجم الظاهرة، إلا أن الدراسات العلمية تؤكد أن حجم هذه الظاهرة أكبر من مقدارها في الغرب، ويعود ذلك إلى أن العلاقات الزوجية هناك تقوم أساسا على التفاهم والحب المشترك، وإدارة شئون الأسرة بطريقة ديمقراطية وتوزيع الأدوار والمهام بين الطرفين.
لكن الأمر في الدول العربية يختلف بعض الشيء، فالرجل هو صاحب الأمر في معظم الأسر ولا يوجد تبادل للسلطات بين شريكي الحياة، فنتج عن ذلك محاولة بعض النساء الانقلاب على هذا النمط السائد في إدارة الأسرة، وبالطبع فإن أول خطوة لتحقيق ذلك هي جعل الأزواج يخافون منهن ويخشون بأسهن.
وقد يصل الرعب لدى الرجل العربي في بعض الأحيان إلى حد الانسحاق أمام شريكة حياته، وقبوله ما تفعله دون مناقشة حتى لو وصل الأمر إلى الاعتداء عليه وضربه، وقد كشفت دراسة أجراها مركز البحوث الاجتماعية بالقاهرة أن 18% من الرجال يتعرضون للضرب من زوجاتهم، وقد كانت هذه النتيجة مفاجأة للباحثين أنفسهم، وهو بالطبع مؤشر واضح على أن حجم خوف الأزواج من النساء كبير جدا وليس له حدود.
سي السيد" .. جمعية استرداد حقوق الرجل:
عقدت جمعية "سي السيد" للدفاع عن حقوق الرجال في مصر أول اجتماع لاعضائها منذ تأسسيها وتضم الجمعية 620 عضوا، جميعهم من المصريين، وبينهم 23 امرأة وتهدف إلى تعزيز ما ترى الجمعية أنها المفاهيم الصحيحة لدور الرجال في الأسرة وفي المجتمع، كما تساعد على توفير فرص عمل للرجال العاطلين.
واستوحى اسم الجمعية من اسم أطلقه الأديب الراحل نجيب محفوظ على إحدى شخصياته، حتى صار "سي السيد" رمزا للرجل الشرقي الصارم الذي يتحكم في زوجته وأسرته بقبضة من حديد.
لكن يبدو أن هذه الشخصية صارت من الماضي في المجتمع المصري، وهو ما سبب الكثير من المشاكل الاجتماعية، بحسب رأي رئيس الجمعية نعيم أبو عيضة، الذي اعتبر أن تراجع فحولة الرجل "جعل المرأة ترفع صوتها عليه" لأن "المعركة بين الرجل والمرأة جزء من شخصيته".
تعليقان على حقيقة ظاهرة "سي السيد" وأمينة .. العصا لمن عصي ...بنوتة دوت كوم
موضوع ممتاز جدا شكرا لكم
موضوع ممتاز جدا شكرا لكم
شاركنا برأيك بوضع بصمتك معنا | التعليق مسموح للزوار